حفظ النعمه واحترامها هي صفة يفتقر لها كثير من البشر معتقدين أن ما لديهم من نعم هو حق مكتسب لن يزول ما داموا أحياء، متجاهلين تماماً فضل الله عليهم. والبشر تجاه النعم أصناف منهم من يجحد فضل الله عليه معتقداً بأن ما لديه من نعم هي نتاج اجتهاده أو لأنه مستحق لها بأنانيته، وهناك من يعي فضل الله عليه ولا يعطي بالاً للحفاظ على ما وهبه الله، وأفضلهم من يعي بقدرة الله وفضله ويشكره على ما أتاه من نعم ويسعى للحفاظ عليها. على موقع موسوعة اليوم نتناول سوياً النعم المتعددة من حولنا وكيفية الحفاظ عليها.
نِعمٌ خفية
في الواقع هي ليست خفية بل هي تخفى علينا ربما ألفناها فلم نعد نلحظ كونها من النعم التي أنعم الله بها علينا.
اعتدنا الاستيقاظ صباحاً والتأفف من شعاع الشمس الذي تسرب خلسة ليذكرنا بنعمة الإبصار، وكثيراً ما كرهنا سماع الأصوات التي تنطلق معلنة قدرتنا على السماع بكل وضوح.
ألفنا محبة أمهاتنا وعطفهن علينا ومحبتهن التي تنبعث من أعماق قلوبهم دون انتظار مقابل، واعتدنا شد مئزرنا بأبٍ لا يوفر جهداً في سبيل سعادتنا وراحتنا.
تناول الطعام والقدرة على الكلام، خطواتنا اليومية للعمل التي لطالما كرهناها، ساعات العمل التي تمر ثقيلة علينا هي نِعم ألفناها فلم تعد ذات قيمة، فتركناها وتطلعنا لنعم تفسد القلب وتزيده إجحافاً من زينة الدنيا التي لا يكتفي منها المرء مهما بلغ فتُوطِن الحقد في قلبه.
عدد نعمك
ربما إن طرحنا هذا السؤال على الكثيرين أول ما يتدفق لأذهانهم مقدار ما يمتلكوه من أموال، هل يمتلك سيارة أم لا؟، منزلاً جميلاً وربما عملاً مرموقاً، لكن هل النعم تنحصر بما جناه الإنسان في الحياة الدنيا فقط؟.
أليست يديك التي جنيت بها أموالك هي نعمة، وعينيك وذكائك نعمة، وحتى أبسطها ربما الذي يتمثل بدعوات والدتك لك بالتوفيق في أمور حياتك نعمة، صحتك التي أنعم الله عليك بكونك معافى أليست نعمة؟.
سريرك، منزلك الذي يؤويك، قوت يومك، قدرتك على النهوض من السرير بمفردك، صوتك الذي يزلزل أركان المنزل منذ استيقاظك، نعمة هي قدرتك على التنفس دون وجود أجهزة تحيط بك، وستر الله لك في كل مرة أخطأت، ورعايته لك في كل مرة طلبت عونه وغيرهم الكثير.
اليوم موسوعة توجه دعوة للجميع بجلب قلم ومجموعة أوراق والبدء بتعديد النعم من حولك التي مهما حاولت لن تحصيها، لكنها خطوة تبذلها حتى تعي مدى فضل الله عليك، ولكي تتذكر بكل خطوة أننا مغرقون بنعم من الله.
حفظ النعمه واحترامها
لن تحفظ نعمة حتى تعي قدرها، ولن تعي قدرها حتى ترضى، ولن ترضى حتى تتوقف عن النظر لنعم الغير وتبدأ في إحصاء نعمك، فالله لا يظلم عباده قسم النعم بينهم بالتساوي ولحكمته جعلها متفاوتة اختباراً لمدى رضانا، ودرساً لنا لنقدر ما وهبه لنا لنحمده على فضله.
وما ذكرناه سابقاً لم يكن دعوى منا للتكاسل عن طلب متاع الحياة تحت شعار النعم التي لا تنتهي وتحيط بنا، بل هي للدعوى للرضا بجميل ما قسمه الله من نعم ود كثيرين لو امتلكوها ولو ليوم واحد فقط، فلا تعارض بين الرضى والسعي من أجل حياة أفضل.
فإن رضيت النفس وحمدت الله على نعمة زادها من فضله فقد وعدنا ووعده الحق في قوله تعالى :”لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ“.
ومن سعى وراء زينة الحياة ونسي أن يزين خُلقه بشيمة الرضا، ظل كمن يسعى وراء سراب كلما أوشك على الوصول إليه فقده ولن يصل لمسعاه مادام الرضا يغيب عنه.