نتكلم اليوم عن أحد أهم الدروس في النحو العربي، فالجملة في اللغة العربية إما جملة اسمية وإما جملة فعلية، والجملة الفعلية لا بد أن تشتمل على فعل وفاعل، وقد يأتي نائب الفاعل مكان الفاعل، ولذلك كان ذلك الدرس مهمًا لأنه يمكن القول أنه يدخل في نصف النحو، وستقابل كثيرًا في أثناء اطلاعك على الجمل المختلفة، ونحاول اليوم أن نزيل ما قد يكون غير واضح حول بابي الفاعل ونائب الفاعل، فتابعونا مع الموسوعة.اللهم إنا نسألك فهم النبيين وحفظ المرسلين والملائكة المقربين.
شرح درس الفاعل ونائب الفاعل
تعريف الفاعل
الفاعل في اللغة هو من اوجد الفعل أو قام به.
وفي اصطلاح النحويين: هو اسم صريح أو مؤول بالصريح أسند إليه فعل تام مبني للمعلوم أو ما في تأويل ذلك الفعل مقدم عليه.
والاسم الصريح هو الاسم المعروف كمحمد وفاطمة والمدرسة وغير ذلك من الأسماء.
و المؤول بالصريح هو المقرون بحرف مصدري لفظًا أو تقديرًا، وهو واحد من ثلاثة حروف، وهي: (أَنَّ وما وأَنْ)، وذلك مثل قوله تعالى: (أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم) فاعل الفعل يكفي هو الاسم المؤول المكون من أن والفعل أنزلنا.، وكذلك قوله تعالى: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم)ففاعل الصفة المشبهة هو المصدر المؤول المكون من ما المصدرية والفعل الماضي عنتم.
والفاعل لا يكون غير اسم فلا يأتي فعلًا ولا حرفًا.
وشبه الفعل أو ما في تأويله يشمل كل ما يعمل عمل الفعل كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وصيغ المبالغة واسم التفضيل والمصدر واسم المصدر واسم الفعل.
وذلك مثل قوله تعالى: (يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس) فألوانه فاعل لمختلف وهي اسم فاعل، ويمكن معرفة إذا كان الاسم يعمل عمل الفعل أم لا بوضع فعل مكانه، ففي غير القرآن كأننا قلنا: شراب يختلف ألوانه.
ويشترط أن يكون الفعل متقدمًا على الفاعل فلا يجوز أن يتقدم الفاعل على الفعل بأي حال، لئلا يدخل نحو: محمد قام لأن هذا من قبيل الجملة الاسمية.
أحكام الفاعل
وجوب الرفع
أي أن إعراب الفاعل هو الرفع دائمًا، فيرفع لفظًا وعلامة رفعه الضمة نحو قوله تعالى: (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون)، أو بالواو مثل قوله تعالى:(قد افلح المؤمنون)، أو الألف، مثل قوله تعالى: (قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب)، ويرفع بضمة مقدرة مثل قوله تعالى: (ولقد جاءكم موسى بالبينات)، ويكون في محل رفع إذا كان ضميرًا أو اسم إشارة أو اسمًا موصولًا أو اسمًا مؤولًا.
وقد يجر الفاعل لفظًا، بإضافة المصدر، ومنه قوله تعالى :(ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو فضل على العالمين)، أو بمن الزائدة، مثل قوله تعالى: (أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير)، وقد يجر بالباء الزائدة مثل قوله تعالى: (وكفى بالله شهيدًا)، أو باللام الزائدة نحو قوله تعالى: (هيهات هيهات لما توعدون).
وقد ينصب الفاعل ويرفع المفعول إذا فهم المعنى، وقد سمع عن العرب: خق الثوبُ المسمارَ، وهذا شاذ في القياس.
لا يحذف
لأنه عمدة أي ركن أساس من أركان الجملة الفعلية وهو المحكوم عليه فلا يتصور الحكم دون المحكوم عليه، فإن وجد في اللفظ كان هو الفاعل، وإن لم يوجد كان ضميرًا مستترًا راجعًا إلى ما تقدم، مثل: محمد قام، أي: هو.
وجوب تأخره عن رافعه
أي يجب أن يتأخر الفاعل عن الفعل أو ما يعمل عمل الفعل في ترتيب الجملة، فإن حدث ما ظاهره ذلك وجب تقدير الفعل ضميرًا مستترًا راجعًا إلى ما تقدم وكان المتقدم مبتدأً نحو محمد قام، وإن كان المتقدم واقعًا بعد أداة تختص بالأفعال كأدوات الشرط والتحضيض أعرب المقدم فاعلًا لفعل محذوف وجوبًا يفسره المذكور، نحو قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره) فنقول أحد فاعل لفعل محذوف، والتقدير: وإن استجارك أحد من المشركين استجارك.
وجوب تجرد فعله من علامتي التثنية والجمع
فنقول: قام محمد، وقام المحمدان، وقام المحمدون، وقامت الهندات، ومنه قوله تعالى: (قال رجلان)، وقوله: (وقال الظالمون).
وبعض العرب يلحقون الفعل المسند إلى ظاهر مثنى أو مجموع علامةً تدل على تثنيته أو جمعه، فيقولون: ضربوني قومك، وضربتني نسوتك، وضرباني.
صحة حذف الفعل مع بقائه
وذلك يكون جائزًا وواجبًا:
فيحذف الفعل جوازًا ويبقى الفاعل إذا أجيب به استفهام صريح مثل قوله تعالى: (ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله) أي: خلقهم الله، أو استفهام مقدر، مثل قوله تعالى: (في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبَّح له فيها بالغدو والأصال.رجال) في قراءة البناء للمجهول فتكون رجال فاعل لفعل محذوف، وكأنه قيل من الذي يسبح؟ فالجواب: رجال، أو إذا أجيب به نفي، كأن تقول: بلى زيد، لمن قال: لم يحضر أحد.
ويحذف الفعل وجوبًا مع بقاء الفاعل في موضع واحد وهو أن يفسَّر بفعل بعدالفعل يكون مسندًا إلى ضمير الفعل أو ملابسه، أو بمعنىً آخر أن يقع بعد أداة تختص بالأفعال، وذلك مثل قوله تعالى: (إذا السماء انشقت)، فالسماء فاعل لفعل محذوف وجوبًا يفسره الفعل المذكور بعده، ومثل قوله تعالى: (وإن أحد من المشركين استجارك) وقد سبق بيانه.
تأنيث الفعل له وتذكيره
أي إذا كان الفاعل مؤنثًا كان الفعل مؤنثًا وإذا كان مذكرًا كان الفعل مذكرًا.
فإذا كان الفعل ماضيًا لحقته تاء التأنيث في آخرهن وإن كان مضارعًا لحقت تاء التأنيث أوله وهي تاء المضارعة، وذلك مثل: قامت هند وتقوم سلمى.
ويجب تأنيث الفعل في موضعين: الأول أن يكون الفاعل ضميرًا متصلًا يعود على حقيقي التأنيث أو مجازي، فالحقيقي هو ما له أب أو أم، والمجازي هو المؤنث الذي ليس له أب أو أم، مثل: هند نجحت، والشمس طلعت، والثاني: أن يكون الفعل اسمًا ظاهرًا متصلًا بالفعل حقيقي التأنيث، وذلك مثل قوله تعالى: (قالت امرأت العزيز الآن حصحص الحق).
ويجوز التأنيث والتذكير في موضعين: الأول: أن يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا حقيق التأنيث ولكن فصل بينه وبين الفعل بفاصل، مثل أتت القاضي بنت الواقف، والموضع الثاني: أن يكون الفاعل اسمًا ظاهرًا مجازي التأنيث، وذلك مثل قوله تعالى: (وجمع الشمس والقمر).
الأصل أن يتقدم الفعل ثم الفاعل ثم المفعول
ويجوز تقديم الفاعل على المفعول ويجوز تأخيره بشكل عام.
ويجب تقديم الفاعل، عند خوف اللبس، مثل ضرب موسى عيسى وأكرم أبي صديقي، أو إذا كان الفاعل والمفعول ضميرين متصلين ولا حصر في أحدهما، وذلك مثل قوله تعالى: (واصطنعتك لنفسي)، فلا يجوز في هاتين الحالتين تقديم المفعول على الفاعل.
ويجب تقديم المفعول على الفاعل فقط دون الفعل: إذا كان المفعول ضميرًا متصلًا والفاعل اسمً ظاهرًا مثل فوله تعالى: (ما ودعك ربك وما قلى)، وذلك حتى لا ينفصل الضمير مع إمكان اتصاله، أو إذا كان الفاعل متصلًا به ضمير يعود على المفعول فيجب أن يتقدم المفعول لئلا يعود الضمير على متأخر لفظًا ورتبةً، مثل قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن)، أو أن يكون الفاعل محصورًا بإلا أو إنما، مثل قوله تعالى: (إنما يخشى الله من عباده العلماء)، وما أكرم محمدًا إلا حسام.
ويجب تقديم المفعول على الفعل والفاعل: إذا كان المفعول له الصدارة كأدوات الشرط والاستفهام، مثل قوله تعالى: (فأي آيات الله تنكرون)، أو إذا كان المفعول ضميرًا منفصلًا عند تأخره يجب اتصاله مثل قوله تعالى: (إياك نعبد وإياك نستعين).
نائب الفاعل
تعريف نائب الفاعل
هو ما يحل محل الفاعل بعد حذفه وتغيير صيغة الفعل ويأخذ أحكام الفاعل.
أسباب حذف الفاعل
قد يحذف الفعل لعدة أسباب، ومنها:
الجهل به: نحو سرق الثوب، كسر الزجاج.
أو يحذف لغرض لفظي كالإيجاز، مثل قوله تعالى: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به)، وكإصلاح السجع، مثل: من طابت سريرته حمدت سيرته، أو تصحيح النظم مثل قول الشاعر:
علقتها عرضًا وعلقت رجلًا غيري وعلق غير ذلك الرجل
أو يحذف الفعل لغرض معنوي: كعدم تعلق غرض بذكره، مثل قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها)، أو للإبهام، مثل: تصدق اليوم بمليون جنيه، أو للتعظيم، مثل: لعن إبليس، أو للتحقير مثل: قتل علي ابن أبي طالب أو الخوف منه مثل ظلم محمد أو الخوف عليه مثل قول الأم لزوجها كسر الزجاج خوفًا على ولدها من العقاب.
فعند حذف الفاعل لواحد من هذه الأسباب وقام المفعول به أو غيره مما سنعرفه مقامه أخذ أحكامه التي ذكرناها من قليل في الفاعل.
بناء الفعل للمجهول
والأفضل في هذه التسمية أن نقول بناء الفعل للمفعول أو لما لم يسم فاعله، لأن هناك أغراض أخرى لحذف الفعل غير الجهل بالفاعل كما علمنا:
إذا كان الفعل مضارعًا نضم أوله ونفتح ما قبل آخره، فنقول في يَضرِب ُيضرَب، وإذا كان ما قبل الآخر واوًا أو ياءً قلبت ألفًا، مثلك يقول يقال، ويبيع يُباع.
وإذا كان الفعل ماضيًا يضم أوله ويكسر ما قبل آخره، فنقول في ضَرَب ضُرِب.
وإذا كان الماضي مبدوءًا بتاء زائدة نزيد مع ذلك ضم الثاني أيضًا، مثل: تَعَلَّم تُعُلَِم.ط
وإذا كان مبدوءًا بهمزة وصل وضم ثالثه مع الأول، مثل:انطلق اُنْطُلِق.
وإذا كان الماضي معتل العين مثل قال وباع جاز فيه ثلاثة أوجه: الكسر الخالص وقلب الألف ياءً، والضم الخالص وقلب الألف واوًا، والإشمام مع قلب الألف ياءً، والإشمام هو الإتيان بحركة بين الضم والكسر، فنقول في قال: قِيل وقُول وقيل.
وإذا كان الماضي ثلاثيًا مضعفًاجاز فيه الأوجه الثلاثة المتقدمة، مثل شَدَّ: شِدَّ شُدَّ شدَّ.
الأشياء التي تنوب عن الفاعل
المفعول به
وهو الأصل في النيابة عن الفاعل ولا ينوب غيره مع وجوده، وذلك مثل قوله تعالى: (وغيض الماء وقضي الأمر).
وإن كان المفعول به ضمير نصب للمخاطب والمتكلم أتينا بضمير رفع، مثل أكرمك محمد: أُكرمتَ.
وإن كان ضميرًا للغائب، مثل: أكرمتهم نقول أُكرموا.
وإذا كان الفعل المبني للمجهول متعديًا لمفعولين ليس أصلهما المبتدأ والخبر، يكون المفعول الأول نائبًا للفاعل ويبقى الثاني منصوبًا، مثل: كُسِيَ الفقير ثوبًا.
ويجوز إنابة الثاني أو حتى الثالث في الفعل المتعدي إلى ثلاثة مفاعيل لكن عند أمن اللبس، فإذا خيف اللبس وجب إنابة الأول فقط.
المجرور بحرف الجر
وذلك عند فقد المفعول به، مثل: سِير في البحر، ومثل قوله تعالى: (ولما سقط في أيديهم).
ولكن بشرط أن يكون حرف الجر متصرفًا أي يجر أي نوع من الأسماء، فلا يصح مثل مذ ومنذ لأنهما لا يجران إلا الأسماء الدالة على الزمان، وألا يكون حرف الجر دالًا على التعليل كاللام.
الظرف
ينوب الظرف أيضًا عن الفعل بشرط أن يكون متصرفًا وأن يكون مختًصا.
والمتصرف: هو الذي لا يلازم الظرفية بل يفارقها أحيانًا مثل يوم وشهر، أما نحو عند ومع وقبل فلا يجوز نيابتها عن الفاعل لأنها ملازمة للظرفية.
والمختص: هو الذي يكون موصوفًا مثل صيام يوم طويل، أو مضافًا مثل: صيم يوم الخميس، أو يكون علمًا، مثل: صيم رمضان.
المصدر المختص
ينوب المصدر المختص عن الفاعل بشرط الاختصاص والتصرف كالظرف.
المتصرف هو الذي يفارق النصب على المصدرية أي ليس من الألفاظ التي تعرب مفعولًا مطلقًا منصوبًا دائمًا، فلا يجوز إنابة نحو: سبحان ومعاذ لملازمتهما النصب على المصدرية.
والمختص هو ما خصص بوصف أو إضافة أو غيرهما، وذلك مثل قوله تعالى: (فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة).
نيابة غير المفعول مع وجوده
إذا اجتمع المفعول به مع غيره فالبصريون يوجبون إنابة المفعول به عن الفاعل، وعند فقد المفعول به يجوز إنابة غيره دون أولوية لأحد على الآخر.
والكوفيون لا أولوية فيجوز إنابة غير المفعول مع وجوده.
ومثال ذلك: ضُرب المهملُ ضربًا شديدًا يوم تفريطه في واجبه.
فالبصريون: يجب جعل المهمل التي كنت مفعولًا به نائبةً عن الفاعل.
والكوفيون: لا يجب ذلك.
كانت تلك معلومات عن بابي الفاعل ونائب الفاعل من أهم أبواب اللغة العربية التي ينبغي على كل دارس للنحو العربي بل كل ناطق الإلمام بها أو بشي يسير منها، نسأل الله تعالى ان يعلمنا وأن ينفعنا بما علمنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.تابعونا على الموسوعة العربية الشاملة ليصلكم كل جديد في شتى العلوم والفنون، ودمتم في أمان الله.