قصة تابط شرا تعد من القصص التي تعبر عن حياة فئة من الناس أيام الجاهلية، وهم الذين كانوا يلقبون بالصعاليك، وهم قوم ثائرون على المجتمع وعلى قيمه كلها، فنجد أنهم يستأنسون بالوحش عن الإنسان، وكانوا يعيشون حياة السلب والنهب من الأغنياء، ويعطون الفقراء في أحداث ملحمية شبه خيالية، وكان تأبط شرًا واحدًا من هؤلاء، لمزيد من التفاصيل تابعونا على موسوعة.
تأبط شرًا هو لقب لرجل يدعى ثابت بن قيس بن سفيان الفهمي، وقد جاء هذا اللقب من أمه على أشهر الأقوال، فقد رأته مرةً يخرج حاملًا سيفًا، فقلت لمن سألها عنه: تأبط شرًا وخرج.
وقيل: إنه رأى كبشًا في الصحراء فاحتمله تحت إبطه، فأخذ يبول عليه طول الطريق، فلما وصل لاحظ ذلك فرمى به، فإذا هو الغول، فقيل له: ما تأبطت يا ثابت؟ قال: الغول، قالوا: لقد تأبطت شرًا.
وقيل: قالت له أمه: كل إخوتك يأتيني بشيء إذا راح غيرك، فقال لها: سآتيك الليلة بشيء، فاصطاد أكبر الأفاعي التي يستطيع حملها، وأتى بهن في جراب متأبطًا بها، فألقى الجراب بين يديها، فانطلقت الأفاعي في البيت فقيل لها: ماذا أتاك به ثابت، قالت: أتاني بأفاع في جراب، قالوا: وكيف حملها؟ قالت: تأبطها، قالوا: لقد تأبط شرًا.
اشتهر تأبط شرًا بالشجاعة، فكان يغير في الليل والنهار على القبائل ويأكل من الغنائم أو مما يصطاده من البرية على ما كان عليه الصعاليك في ذلك الوقت.
ومن غريب ما يروى عنه أنه كان يقوم بكل ذلك على رجليه، فكان شديد السرعة والعدو حتى أنه يسبق الحصان، ولا يدركه أحد لسرعته الهائلة.
ويبدو أن شخصيته كانت شخصيةً أسطوريةً وهذا ما يتبين من خلال أشعاره التي شاعت وشاع أخبارها بين العرب.
ويمكن القول أن حياته كانت مزيجًا من الشعر والشجاعة والنشوة، والإحساس الدائم بالخطر والتحدي، حتى كان مقتله كذلك على يد قبيلة ممن كانوا يخشون منه ويهابون صولته.
يعد شعر تأبط شرًا وشعر الصعاليك أمثاله بشكل عام من الأشعار الملحمية التي يتمرد فيها الشاعر على مجتمعه، ويثور على تقاليدهم وعصبيتهم، فيفضل العيش منفردًا بعيدًا عنهم، ويقرر أن يقتات على ما يتحصل عليه منهم.
كما كان شعره يتميز بالواقعية والتصوير المستمد من الطبيعة التي صارت أنيسه ورفيقه، فلما كان من هؤلاء الذين يفضلون الحياة على السليقة فقد كان شعره كذلك متسمًا بالعفوية والسذاجة الصادقة، مع التحدي والعنفوان.
هي قصيدة على بحر البسيط لتأبط شرًا، وقد افتتح بها المفضل الضبي مختاراته في كتابه المفضليات، وهي قصيدة تصف لنا كيف كانت حياة الصعاليك في الجاهلية ومبادئهم التي كانوا يؤمنون بها.
وتتكلم القصيدة عن هروب تأبط شرًا من كمين كانت قد أعدته له بجيلة، ولكنه استطاع الهرب منها رفقة صديقه الشنفرى وعمرو بن براق، ويفتخر فيها بشدة سرعته، وأنه لا يشق له غبار، ويذكر مواصفات صديقه، ويفتخر بنفسه وكرمه وحياته.
وتبلغ القصيدة نحو 26 بيتًا، ويقول فيها:
يا عيد مالَكَ من شوق وإيـــــــراقِ ومر طيف على الأهوال طرَّاقِ
يسري على الأين والحيات محتفيًا نفسي فداؤك من سارٍ على ساقِ
إني إذا خلة ضنت نائلــــــــــــــها وأمسكت بضعيف الوصل أحذاقِ
نجوت منها نجائي من بجيلـــة إذ ألقيت ليلة خبت الرهط أرواقـــي
روى أحدهم أنه نزل على حي فهم، فسألهم عن خبر تأبط شرًا، فقالوا له: وما سؤالك عنه أتريد أن تكون لصًا؟ قال: لا، ولكن أريد أن أعرف أخبار هؤلاء العدائين، فأتحدث بها.
فقالوا: نحدثك عنه. إن تأبط شرًا كان أعدى ذي رجلين وذي ساقين وذي عينين، وكان إذا جاع لم تقم له قائمة، فكان ينظر إلى الظباء فينتقي بعينيه أسمنها، ثم يجري خلفه فلا يفوته، حتى يأخذه، فيذبحه بسيفه، ثم يشويه فيأكله.
خرج تأبط شرًا مع نفر من الصعاليك للإغارة على بني نفاثة بن عدي من قبيلة كنانة فلما وصلوا إلى الحي انتظروا ان ينام الحي، ولكن انتبه أحد الرعاة لهم، فأعلم قومه، فانطلقوا إليهم، فلما علم بهم تأبط شرًا أخبر قومه أن عليهم أن ينجو بأنفسهم، فلم يسمعوا له، فقتلوا ولم ينج منهم سواه فحلف أن يأخذ بالثأر، فخرج في نفر من قومه، فمروا على بيت لبعض بني هذيل، فقتلوا شيخًا وعجوزًا وحازوا جاريتين، وهرب غلام كان هناك، فانطلق خلفه، فاختبأ الغلام وانتظر مرور تأبط شرًا،فلما أتى رماه بسهم في قلبه، فاندفع نحوه تأبط شرًا فقتله، وعاد إلى قومه وهو ينازع، ومات في أيديهم، فانطلقوا وتركوه، ويروى أن مقتله كان نحو 530 م.
كانت تلك قصة تابط شرا. تابعونا على موسوعة ليصلكم كل جديد، ودمتم في أمان الله.