نُقدم إليك عزيزي القارئ عبر مقالنا اليوم من موسوعة اجمل قصائد نزار قباني غزل ، فهذا الشاعر العظيم وُلد عام 1923م، في أسرة دمشقية، وهو يحمل الجنسية السورية، وأطُلق عليه شاعر الحب، والمرأة، والحرب، ودرس في كلية الحقوق وعمل بعد ذلك بالسلك الدبلوماسي، وقد نُشر الديوان الأول له عام 1944م، وصار يؤلف وينشر الكثير من الأعمال الأدبية حتى وصل عددها إلى حوالي 35 ديوان متنوع.
وقام بتأسيس دار نشر من أجل أعماله، وأطلق عليها منشورات نزار قباني، و قد واجه الكثير من المآسي في حياته، فقد انتحرت شقيقته عندما كان طفلاً، وتوفيت زوجته الأولى بلقيس في حادث تفجير ببيروت، وأيضاً توفى ابنه توفيق، مما أثر على حياته بشكل كبير، وجعله يكتب العديد من الدواوين الشعرية.
وكان أيضاً يحب أن يكتب الشعر السياسي، ويتحدث من خلاله عن بعض القضايا الموجودة في الدول العربية، وظل هكذا حتى توفاه الله عام 1998م، وتم دفنه في بلده دمشق.
وسنقدم إليك خلال السطور التالية اجمل قصائد نزار قباني الرومانسية، فتابعنا.
ساعديني على الخروج حياً.
من متاهات الشفتين المكتنزتين..والشعر الأسود
إن معركتي معك ليست متكافئة
فأنا لست سوى سمكةٍ صغيرة
تسبح في حوض من النحاس السائل
ساعديني على التقاط أنفاسي
فإن نبضي لم يعد طبيعياً
ووقتي صار مرهوناً بمزاجية نهديك
فإذا ناما نمت
وإذا استيقظا استيقظت
ساعديني على التفريق بين بدايات أصابعي
ونهايات عمودك الفقري
ساعديني على السفر من خريطة جسدك
فإنني أريد أن أعيش.
أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي: إني رفيقة دربه
وبأنني الحب الوحيد لديه
حمل الزهور إلي..كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه
ما عدت أذكر..والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده..وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به..رقصت على قدميه
سامحته..وسألت عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت..ما أحلى الرجوع إليه.
ألوان أثوابها تجري بتفكيري
جري البيادر في ذهن العصافير
ألا سقى الله أياماً بحجرتها
كأنهن أساطير الأساطير
أين الزمان، وقد غصت خزانتها
بكل مستهتر الألوان، معطور
فثم رافعةٌ للنهد..زاهيةٌ
إلى رداءٍ، بلون الوجد، مسعور
إلى قميصٍ كشيف الكم، مغتلمٍ
إلى وشاحٍ ، هريق الطيب، مخمور
هل المخادع من بعدي، كسالفها
تزهو بكل لطيف الوشي، منضور
وهل منامتك الصفراء..ما برحت
تفتر عن طيب الأنفاس، معطير
هل أنت أنت..وهلا زلت هاجمة
النهدين..مجلوةً مثل التصاوير.
لم يحدث أبدا
أن أحببت بهذا العمق
لم يحدث..لم يحدث أبدا
أني سافرت مع امرأة
لبلاد الشوق
وضربت شواطئ نهديها
كالرعد الغاضب، أو كالبرق
فأنا في الماضي لم أعشق
بل كنت أمثل دور العشق
لم يحدث أبداً
أن أوصلني حب امرأة حتى الشنق
لم أعرف قبلك واحدة
غلبتني، أخذت أسلحتي
هزمتني..داخل مملكتي
نزعت عن وجهي أقنعتي
لم يحدث أبدا، سيدتي
أن ذقت النار، وذقت الحرق
كوني واثقة..سيدتي
سيحبك..آلاف غيري
وستستلمين بريد الشوق
لكنك..لن تجدي بعدي
رجلا يهواك بهذا الصدق
لن تجدي أبداً
لا في الغرب
ولا في الشرق.
بهروا الدنيا..
وما في يدهم إلا الحجارة
وأضاؤوا كالقناديل، وجاؤوا كالبشارة
قاوموا..وانفجروا..واستشهدوا..
وبقينا دبباً قطبيةً
صفحت أجسادها ضد الحرارة
قاتلوا عنا إلى أن قتلوا
وجلسنا في مقاهينا..كبصاق المحارة
واحدٌ يبحث منا عن تجارة..
واحدٌ..يطلب ملياراً جديداً
وزواجاً رابعاً
ونهوداً صقلتهن الحضارة
واحدٌ..يبحث في لندن عن قصرٍ منيفٍ
واحدٌ..يعمل سمسار سلاح..
واحدٌ..يطلب في البارات ثاره
واحدٌ..يبحث عن عرشٍ وجيشٍ وإمارة
آه..يا جيل الخيانات
و يا جيل العمولات
و يا جيل النفايات
و يا جيل الدعارة
سوف يجتاحك مهما أبطأ التاريخ
أطفال الحجارة.
أركب آلاف القطارات
وأمتطي فجيعتي
وأمتطي غيم سجاراتي
حقيبة واحدة..أحملها
فيها عناوين حبيباتي
من كن، بالأمس، حبيباتي
يمضي قطاري مسرعا..مسرعا
يمضغ في طريقه لحم المسافات
يفترس الحقول في طريقه
يلتهم الأشجار في طريقه
يلحس أقدام البحيرات
يسألني مفتش القطار عن تذكرتي
وموقفي آلاتي
وهل هناك موقف آتي؟
فنادق العالم لا تعرفني
ولا عناوين حبيباتي
لا رصيف لي
أقصده..في كل رحلاتي
أرصفتي جميعها..هاربة
هاربة..مني محطاتي
هاربة..مني محطاتي.