يُمكن للمرء تخطي أية صعاب قد يواجهها في حياته إن امتلك الإرادة الجادة القوية، فلم يُخلق الإنسان ليواجه مستحيلًا، بل سخر له الله تعالى الأرض وما عليها من موارد ليعمر الكون ويخترق الفضاء للتعبير عن وجوده وقدراته.
قال الشاعر أبي القاسم الشابي في قصيدة الإرادة:
ذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ
فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر
وَلا بُـدَّ لِلَّيـْلِ أنْ يَنْجَلِــي
وَلا بُدَّ للقَيْدِ أَنْ يَـنْكَسِـر
وَمَنْ لَمْ يُعَانِقْهُ شَوْقُ الْحَيَـاةِ ت
َبَخَّـرَ في جَوِّهَـا وَانْدَثَـر
فَوَيْلٌ لِمَنْ لَمْ تَشُقْـهُ الْحَيَاةُ
ِمنْ صَفْعَـةِ العَـدَم المُنْتَصِر
كَذلِكَ قَالَـتْ لِـيَ الكَائِنَاتُ
وَحَدّثَنـي رُوحُـهَا المُسْتَتِرَ
ودَمدَمَتِ الرِّيحُ بَيْنَ الفِجَاجِ
وَفَوْقَ الجِبَال وَتَحْتَ الشَّجَر
إذَا مَا طَمَحْـتُ إلِـى غَـايَةٍ
رَكِبْتُ الْمُنَى وَنَسِيتُ الحَذَر
وَلَمْ أَتَجَنَّبْ وُعُـورَ الشِّعَـابِ
وَلا كُبَّـةَ اللَّهَـبِ المُسْتَعِـر
وَمَنْ لا يُحِبّ صُعُودَ الجِبَـالِ
يَعِشْ أَبَدَ الدَّهْرِ بَيْنَ الحُفَـر
فَعَجَّتْ بِقَلْبِي دِمَاءُ الشَّبَـابِ
وَضَجَّتْ بِصَدْرِي رِيَاحٌ أُخَر
يقول الإمام الشافعي في قصيدة عن الإصرار والتحدي
بقدرِ الكدِّ تكتسب المعالي
ومن طلب العلا سهر الليالي
ومن رام العلا من غير كدٍّ
أضاع العمر في طلب المحال
تروم العز ثمّ تنام ليلاً
يغوص البحر من طلب اللآلي
يقول الشاعر معين بسيسو في قصيدة التحدي أنا لا أخاف من السّلاسل فاربطوني بالسلاسل
من عاش في أرض الزلازل لا يخاف من الزلازل
لمن المشانق تنصبون لمن تشدوّن المفاصل
لن تطفئوا مهما نفختم في الدّجى هذي المشاعل
الشعب أوقدها وسار بها قوافل في قوافل
أنا لا أخاف من فاعصفي بي يا عواصف
أنا لي رفاق في دمي تدوي وعودهم القواصف
وتضيء في عينيّ خاطفة بروقهم الخواطف
وتسيل من كفيّ جارفة سيولهم الجوارف
أنا لا أخاف ومن أخاف ولي رفاق يا عواصف ؟
قد أقسموا والشّمس ترخي فوقهم حمر الضفائر
أن يطردوا من أرضنا الخضراء تجّار المقابر
ويحرّروا الإنسان من قيد المذابح والمجازر
ويحرّروا التاريخ من قلم المغامر والمقامر
فنحقّق الوطن الكبير لنا ونزرعه منائر
ها هم هناك أخي هناك هووا صواعق في صواعق
يقول الشاعر عبد السلام الكبسي في قصيدة ما يريد الحبيبان
ما يريد الحبيبان
سوف يكون
وما لا يريدان
سوف يكون
فما كل ما يتمنى امرؤ سوف يدركه
غير أن الأماني أسرجة
والإرادة أخيلة العاشقين
نستطيع
اختيار الطريق الذي سنريد
ولكن ما كل من سنقابلة
بالرفيق
من
يود الذهاب بلا أحد
للمنابع
لن يتأتى له
ما يريد
إن اتقاننا للإرادة
سوف يقربنا من عيون المرام
يقول الشاعر محمد محمد علي جنيدي في قصيدة إن طال دمعك من سقم
ن طال دمعك من سقم
أو نال حلمَك من ظلم
بالقهر واحتل الهمم
لا تنهزم
إن تلق طوفان
الألم
آتٍ ويجتاح القمم
فاليأس يلبسك الندم
لا تنهزم
لن تسبق الليثَ الغنم
أو يسقط الفأرُ الهرم
مهما تملك أو حكم لا تنهزم
والله ربك منتقم
لا ترض قلبك يرتطم
بالذل خوفاً من نقم
قم وابتسم
لن يمنع الخوفُ القدر
فلما المهانة والحذر
والحق باقٍ مستمر
قم للذي
أحياك من ذر المطر
واقتاد قلبَك من وتر
بوح الحقيقة لن يمر
يقول المتنبي في قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت
وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
يقول الشاعر خليل مطران في قصيدة حي العزيمة والشبابا
حَيِّ الْعَزِيمَةَ وَالشَّبَابَا
وَالْفِتْيَةَ النُّضْرَ الصِّلاَبَا
أَلتَّارِكِينَ لِغَيْرِهِمْ
نَزَقَ الطُّفُولَةِ وَالدِّعَابَا
أَلْجَاعِلِي بَيْرُوتَ وَهْ
يَ الثَّغْرُ لِلْعَلْيَاءِ بَابَا
أَلطَّالِبِينَ مِنَ المَظِنَّا
تِ الْحَقِيقةَ وَالصَّوَابَا
أَلْبَائِعِينَ زُهَى الْقُشُو
رِ المُشْتَرِينَ بِهِ لُبَابَا
آدَابُهُمْ تَأْبَى بِغَيْ
رِ التِّمِّ فِيهَا أَنْ تُعَابَا
أخْلاَقُهُمْ مِنْ جَوْهَرٍ
صَافٍ تَنَزَّهَ أَنْ يُشَابَا
نِيَّاتُهُمْ نِيَّاتُ صِدْ
قٍ تأْنَفُ المَجْدَ الْكِذَابَا
آرَاؤُهُمْ آرَاءُ أشْ
يَاخٍ وَإِنْ كَانُوا شَبَابَا
مَهْمَا يَلُوا مِنْ مَنْصِبِ الْ
أَعْمَالِ يُوفُوهُ النِّصَابَا
وَالمُتْقِنُ المِجُوَادُ يُرْ
ضى اللهَ عَنْهُ وَالصَّحَابَا
أُنْظُرْ إلى تُمْثِيلِهِمْ
أَفَمَا تَرَى عَجَباً عُجَابا
فَاقُوا بِهِ المُتَفَوِّقِي
نَ وَأَدْرَكُوا مِنْهُ الْحَبَابَا
أَسَمِعْتَ حُسْنَ أَدَائِهِمْ
إِمَّا سُؤَالاً أَوْ جَوَابَا
أَشَهِدْتَ مِنْ إِيمائِهِمْ مَا يَجْعَلُ الْبُعْدَ اقْتِرَابَا
يقول امرئ القيس في قصيدة الإصرار
ولو أنَّما أسعَى لأدَنى معيشةٍ
كفاني- ولم أطلبْ- قليلٌ من المالِ
ولكنَّما أسعَى لمجدٍ مؤثَّلٍ
وقد يدركُ المجدَ المؤثلَ أمثالي
يقول الشاعر أودلف في التحدي والإصرار
وليس فراغُ القلبِ مجدًا
ورفعةً ولكنَّ شغلَ القلبِ للمرءِ رافعُ
ويقول الشاعر المتنبي
ذا غامرت في شرفٍ مرومٍ
فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمرٍ حقيرٍ
كطعم الموت في أمرٍ عظيم